الحرب الاسرائيلية” على غزة، وعين العدو الصهيوني على لبنان الذي يعتبره الاكثر خطرا عليه، لانه له تجارب معه منذ نحو نصف قرن عندما ظهرت مقاومة ضده، اكانت من “القوات المشتركة” الفلسطينية الوطنية اللبنانية في سبعينات القرن الماضي، او في المقاومة الوطنية اللبنانية والاسلامية في ثمانينات القرن الماضي حتى التحرير في 25 ايار 2006 ، ثم ردع العدوان صيف 2006.
فالقيادة السياسية والعسكرية “الاسرائيلية” التي خاب ظنها في تحقيق انتصار على المقاومة الفلسطينية في غزة وتقضي نهائيا على حركة حماس بعد 39 يوما على العدوان على القطاع، فانها تتطلع الى”الجبهة الشمالية” مع لبنان، علها تحرز نصرا فيه على المقاومة وتحديدا حزب الله، وهو ما لم تستطع فعله منذ عقود سوى حروب تدميرية في العام 1993 و1997 و2012 و2014 و2021 وفي الحرب الحالية، اذ سقطت فعلا نظرية “الجيش الذي لا يقهر” وفق خبير عسكري يتابع حروب جيش الاحتلال الاسرائيلي، الذي لم يربحها بقوته، بل بخيانات الانظمة العربية وتواطؤ حكامها وعدم تسليح الجيوش، وهذا الذي الحق الهزيمة بالدول العربية سواء منها تلك المسماة “دول مواجهة” او “دول مساندة”، وكادت حرب تشرين 1973 ان تحرر العرب من عقدة الهزيمة وروحها وثقافتها.
ويحاول رئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان يقدم صورة المنتصر، فيزور الجنود على محاور القتال في غزة، ويتفقدهم على “الجبهة الشمالية” مع لبنان، مطمئنا بأن الهزيمة ستلحق بغزة التي ستعود تحت السيطرة العسكرية والامنية للكيان الصهيوني، ولن تعود السلطة الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (ابو مازن) لانه لم يكن على مستوى الحليف الموثوق به.
من هنا، فان “الحكومة الاسرائيلية” اتخذت قرارها بفتح حرب مع لبنان، لكنها تنتظر التوقيت الاميركي الذي اعطته واشنطن الضوء الاخضر لنتانياهو لشن حرب على غزة، ليقتلع فيها حماس وكل مقاومة فيها من جذورها، وقدم الرئيس الاميركي جو بايدن الذي حضر الى “تل ابيب” كل الدعم للكيان الصهيوني، فحضرت البوارج الاميركية والطائرات المحملة بالسلاح والذخيرة.
ففي نهاية الاسبوع الماضي عقد “الكابينيت الاسرائيلي” اجتماعا واتخذ قراراً بالحرب على لبنان، مع تصاعد المواجهة عند الحدود اللبنانية – وفلسطين المحتلة، اذ استخدم حزب الله انواعا جديدة ومتطورة من الاسلحة ومنها صاروخ “بركان”، الذي يحمل حوالى 500 كلغ من القنابل المتفجرة، فاستخدمته المقاومة وكان له تأثير كبير في ردع العدو الاسرائيلي، الذي تكبد خسائر في الارواح والمعدات العسكرية، اضافة الى ما لحق بالمستوطنين من تهجير، واصابة بعضهم بنار المقاومة، التي اعلن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، عن ان كل مدني لبناني يستشهد بنيران “اسرائيلية” يقتل مقابله مستوطن مدني “اسرائيلي”.
ولم يحقق العدو الصهيوني اهدافه في غزة، سوى التدمير وقتل الاطفال والنساء وتدمير المؤسسات، فان فتح الجبهة مع لبنان هو خيار قد يلجأ اليه نتنياهو، والذي يلاقي ضغطاً داخلياً عليه لتحقيق انجاز ما. فمن داخل حزبه “الليكود” يطالب اعضاء فيه باقالته، ويتحرك الشارع لمطالبته باستعادة الاسرى “الاسرائيليين” من غزة، وعودة النازحين الى مستوطناتهم في الشمال او غلاف غزة ومناطق اخرى. ويرى قيادي فلسطيني ان نتنياهو يخسر عسكرياً ولم يربح سياسياً، فهو ينتحر سياسياً كما تم وصفه، حتى ان الدول التي وقفت معه تراجعت، وبدأت اصوات في الادارة الاميركية تنتقده عندما اعلن انه سيبقى في غزة، وعندما رفض الهدنة الانسانية ولم يتقدم بحل لتبادل اسرى، حيث بدأ الوقت يحاصره، ولا يمكنه اطالة امد الحرب التي اعلن وزير الحرب “الاسرائيلي” غالانت بانها قد تمتد الى سنة.
فبعد 39 يوما للحرب على غزة، فان نتنياهو بات في مأزق، ويحاول الهرب الى الامام بتحريك جيشه شمالاً باتجاه لبنان، لانه اخفق في الجنوب بالقطاع، حيث ارتفعت نبرة التهديد عنده ضد لبنان الذي سيدفعه الثمن، اذ ان القرار السياسي اتخذ من شن حرب على لبنان، الذي هدده وزير الحرب “الاسرائيلي” بانه سيُدمر كغزة ولن تسلم بيروت من العدوان، وقد تم وضع بنك اهداف له، وهو ما اعلنه رئيس اركان “الجيش الاسرائيلي” هرشي بان “الكابينيت” اتخذ قرار الحرب وسنهاجم لبنان برياً، اذ كان متوقعا ان تحصل العملية العسكرية يوم الاحد الماضي، وفق معلومات من محور المقاومة، التي تكشف بانه بعد الخسائر التي تكبدها العدو الصهيوني في مواقعه العسكرية ومستوطناته، وتعطيل مرافئه ومنها مرفأ حيفا، الذي وصلته القذائف، فان القيادة العسكرية الصهيونية وضعت الجيش في حالة تأهب، ولم يعط الساعة صفر للهجوم، لان واشنطن دخلت على خط الاتصالات، وابلغت نتنياهو بان توسيع الحرب ستتحول الى اقليمية، وهو ما يضطر الجيش الاميركي ان يخوضها والذي يتعرض لهجمات في العراق وسوريا، في وقت تتحرك تظاهرات في الكثير من الولايات الاميركية، تدعو بايدن الى وقف الحرب على غزة، وتراجعت نسبة مؤيديه الى 47%.
امام “اسرائيل” اسبوعان كما قال وزير خارجية “اسرائيل” ايلي كوهي لتنهي الحرب على غزة، فهل يوسعها نتنياهو باتجاه لبنان؟