اقتصاد

هل تخفض “أوبك+” الإنتاج في اجتماعها المقبل؟

أحمد مصطفى - اندبندنت عربية

أنهت أسعار النفط تعاملات نهاية الأسبوع مرتفعة بأكثر من ثلاثة دولارات للبرميل ليعود خام برنت القياسي إلى مستوى 80 دولاراً للبرميل والخام الأميركي الخفيف (مزيج غرب تكساس) إلى مستوى 75 دولاراً للبرميل، بعد أسبوع من هبوط الأسعار إلى مستوى 77 دولاراً لبرميل خام برنت.

جاء ارتفاع الأسعار، الجمعة، وسط تقارير عن أن تحالف “أوبك+” يدرس إقرار مزيد من خفض الإنتاج في اجتماعه 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في فيينا، نتيجة غضب كثير من الأعضاء من الحرب المستمرة على غزة من ناحية ولمواجهة احتمال زيادة المعروض في السوق إلى حد التخمة التي تضرب استقرار أسواق الطاقة.

شهدت سوق النفط في الأيام الماضية عمليات بيع كثيفة للعقود الآجلة مع اتجاه المستثمرين، بخاصة صناديق التحوط، للبيع من أجل جني الأرباح بعدما ضاربت على خفض الأسعار نتيجة تراجع المخاوف من أزمة إمدادات نتيجة الحرب في الشرق الأوسط، وتوقعات استمرار زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة وغيرها من الدول خارج تحالف “أوبك+”. وقال الشريك في “أغين كابيتال” بنيويورك جون كيلدوف لوكالة “رويترز”، “إننا نمر بفترة جني أرباح طبيعية وأيضاً ببعض المضاربات على خفض السعر”.

المضاربات وأساسات السوق

يرى عدد كبير من المحللين أن المضاربات على خفض الأسعار من قبل المستثمرين وصناديق التحوط هي التي أسهمت في اضطراب أسواق الطاقة في الأسابيع الأخيرة، إضافة إلى تقديرات البعض بأن خطر تصاعد الصراع في الحرب الدائرة في غزة وتأثيره في العرض لم يعد موجوداً.

في مذكرة لهم بنهاية الأسبوع، رأى المحللون في بنك “غولدمان ساكس” الاستثماري الأميركي أن “أسعار النفط انخفضت قليلاً هذا العام على رغم أن الطلب العالمي تجاوز التوقعات المتفائلة”.

وأرجع المحللون ذلك إلى أن “الإمدادات من خارج دول أوبك أصبحت أكبر من التوقعات، وهو ما جعل تخفيضات أوبك غير مؤثرة في جانب العرض في السوق”.

تأتي الولايات المتحدة في مقدمة المنتجين من خارج تحالف “أوبك+”، ويشكل إنتاجها النفطي نحو ثلثي نمو المعروض من خارج “أوبك”، وبحسب أحدث تقديرات وكالة الطاقة الدولية يتوقع أن يرتفع الإنتاج النفطي الأميركي هذا عام 2023 بمقدار 1.4 مليون برميل يومياً.

وعلى رغم أن التعافي في الاقتصاد الصيني لم يكن قوياً كما هو متوقع هذا العام، فإن ذلك لم يضر كثيراً بنمو الطلب العالمي، وهذا ما جعل أحدث تقرير شهري لـ”أوبك”، الأسبوع الماضي، يرفع تقديرات نمو الطلب العالمي قليلاً، بخاصة مع مؤشرات خفض معدلات التضخم في الولايات المتحدة وأوروبا. وتوقع التقرير أن يصل الطلب العالمي على النفط في 2023 في المتوسط إلى 2.46 مليون برميل يومياً، بزيادة 20 ألف برميل يومياً عن التوقعات السابقة، مع نمو الطلب العالمي في عام 2024 بمقدار 2.25 مليون برميل يومياً.

احتمالات خفض الإنتاج

حتى الآن لم تصدر أي إشارات واضحة في شأن قرار تحالف “أوبك+” قبل نهاية الشهر وما إذا كانت ستقرر خفض الإنتاج أم لا، وإن كانت بعض التقارير تشير إلى أن خفضاً إضافياً بمقدار مليون برميل يومياً قد يكون مطروحاً للنقاش خشية اختلال معادلة العرض والطلب وزيادة المعروض كثيراً في السوق.

ونقلت الوكالات عن مصادر في “أوبك” قلق وزراء الدول الأعضاء من الاضطراب الحالي في السوق على رغم أن أساسات السوق لم تتغير. ويستهدف تحالف “أوبك+” بالأساس الحفاظ على استقرار معادلة العرض والطلب ويحدد السياسة الإنتاجية استناداً إلى هذا الهدف.

والاحتمال الأرجح هو أن يمدد تحالف “أوبك+” العمل باتفاق سقف الإنتاج المتفق عليه في يونيو (حزيران) الماضي ويتضمن خفضاً بقيمة 3.66 مليون برميل يومياً، وينتهي العمل بالاتفاق مع نهاية هذا العام، مع توقع تمديد العمل به في العام المقبل 2024.

إضافة إلى اتفاق سقف الإنتاج، هناك خفض طوعي للإنتاج من جانب أكبر الدول المنتجة في التحالف وهي السعودية بمقدار مليون برميل يومياً وأيضاً خفض طوعياً أقل من جانب روسيا، وبذلك يصل إجمال خفض الإنتاج من جانب تحالف “أوبك+” منذ العام الماضي 2022 إلى نحو 5.16 مليون برميل يومياً، أي ما يساوي نسبة خمسة في المئة تقريباً من الطلب العالمي على النفط.

نشرت صحيفة “فايننشال تايمز”، أمس السبت، تقريراً عن أن السعودية تدرس تمديد خفض إنتاجها الطوعي من النفط في الأقل حتى الربيع من العام المقبل 2024. ونقل محرر شؤون الطاقة في الصحيفة عن عديد من مصادر لم يسمها أن دول الخليج تشعر بالغضب من استمرار الحرب في غزة وأنها “تريد أن تفعل شيئاً” يوصل رسالة إلى واشنطن وأيضاً “تستجيب للغضب الشعبي في المنطقة على استمرار الحرب”. وتقول المحللة السابقة في الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) ورئيس أبحاث السلع في “آر بي سي كابيتال ماركتس” حليمة كروفت، “هذا وقت شديد الحساسية والهشاشة في الشرق الأوسط… فعلى رغم أن أسواق النفط استبعدت توسع الصراع، تظل هناك أخطار هائلة بخاصة على الحدود الشمالية لإسرائيل”.

وبحسب تقرير الصحيفة، فإن هناك اتجاهاً قوياً داخل “أوبك” تقوده الكويت والجزائر ربما يدفع باتجاه خفض الإنتاج بسبب الحرب في غزة، إلا أنه من المستبعد تماماً أن تشهد أسواق الطاقة ما يقارب حتى ما حدث في سبعينيات القرن الماضي من أزمة نفطية نتيجة الحرب الإسرائيلية العربية عام 1973.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى