فلسطين

تفاصيل عن “إبادة غزة” يكشفها نازحون.. إنها “أصعب من النكبة”!

فرانس برس

نشرت وكالة “فرانس برس” تقريراً تحت عنوان: “جيل فلسطيني يعيش حربا وتهجيراً أكثر صعوبة وقسوة من نكبة 1948″، وجاء فيه: 

 
أُرغمت المسنّة الفلسطينية ليغة جابر، على ترك قريتها جولس في عسقلان إبان نكبة 1948، وها هي تجد نفسها نازحة مجدداً في قطاع غزة، بسبب الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، في تجربة “أصعب” من كل التجارب.

تقول جابر، وهي جالسة في منزل يضمّ نازحين في مدينة رفح محاطة بعشرات الأشخاص، بينهم أولادها وأحفادها، إن “هذه الحرب أصعب من كل الهجرات”.

كانت المرأة التي ترسم التجاعيد ملامح وجهها، في عامها الثالث عشر إبان قيام ما يسمى بـ”دولة إسرائيل” وموجة التهجير التي طالت الفلسطينيين، وتوضح: “لم يقتلونا في نكبة 48، كنا نمشي وكنت حينها صغيرة. اليوم يضرب الإسرائيلي بالطيران، ويهدمون كل البيوت”.

ترقب وانتظار وخوف
تجلس جابر إلى طاولة خشبية، وبجانبها سلة من البلاستيك تحوي مجموعة كبيرة من الأدوية الخاصة بها، ولا تخفي شعورها بالقلق والخوف من الحرب، التي اندلعت تماما قبل 100 يوم، وتقول: “لأكون صريحة والله أنا خائفة، لم أرَ حربا مثل هذه الحرب.. يضربون بالطيران ويهدمون منزلاً فيه 12 أو 15 شخصاً ويقتلونهم مرة واحدة. أزيز الطائرات المسيّرة لا يفارق أجواء مدينة رفح بجنوب القطاع”.
وكانت جابر أقامت مع أحد أبنائها في مخيم دير البلح وسط القطاع، إلى أن نزحت قبل 3 أسابيع إلى الشابورة في رفح.

واندلعت الحرب بين إسرائيل وحركة حماس إثر هجوم شنته الحركة داخل المستوطنات الإسرائيليّة في السابع من تشرين الأول الماضي، وخلف نحو 1140 قتيلاً إسرائيلياً معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس، استناداً إلى أرقام رسمية إسرائيلية.

وتوعدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس، وتشن منذ ذلك الحين حملة قصف مدمرة وعملية برية معظم ضحاياها من النساء والفتية والأطفال، وفقا لوزارة الصحة التابعة لحماس التي أعلنت، الأحد، ارتفاع حصيلة ضحايا العملية إلى 23968 شهيداً فلسطينياً وأكثر من 60 ألف جريح.

ووفق أرقام الأمم المتحدة، نزح نحو 85% من سكان غزة منذ بدء الحرب، وتوزعوا لدى أقارب أو مراكز إيواء ومدارس تابعة لمنظمات دولية، أو في مخيمات عشوائية تعاني ظروفاً مأسوية في ظل شحّ المساعدات الإنسانية والظروف المناخية الباردة .

فعلياً، لا يختلف حال جابر عما تختبره قريبتها رايقة أبو عويضة المولودة عام 1935 في قرية المجدل الفلسطينية. في حديثها، تستذكر الأخيرة “النكبة التي دفعتها مع أشقائها للمشي وهم يجرون بقرتين لعشرات الكيلومترات وصولاً إلى قطاع غزة، من بيت لاهيا ومن ثم القرارة ودير البلح قبل أن يحطوا رحالهم في خان يونس، كبرى مدن جنوب القطاع”.
وخلال الحرب الحالية، نزحت أبو عويضة من خان يونس إلى منزل ابنتها في رفح، وتساورها مشاعر القلق والخوف نفسها جراء القصف المتواصل، وتقول إن الحرب التي بدأت قبل 100 يوم “أكثر صعوبة وقسوة” من نكبة 1948.
كذلك، تقارن المرأة التي قاربت التسعين بين النكبة والحرب الراهنة، وتقول: “في هذه الحرب عندما يقصف الجيش الدار يقتل كل من فيها. أخاف أن يدخلوا على رفح، لا أريد الهجرة إلى سيناء أو غيرها، أنا باقية هنا حتى لو قتلونا”.
إبادة
رغم اقتناعه باستحالة ذلك، يحلم جمعة أبو قمر (80 عاماً) بالعودة إلى قريته يبنا جنوب غرب مدينة الرملة، حيث ولد قبل النكبة يستعيد بعضاً من ذكرياته عن حرب 1948 وما سبقها: القرية حيث كانت “دارنا كبيرة، سبعة دونمات وفيها شجرة تين”، والتهجير حين “مشينا بمحاذاة البحر حتى وصلنا الى غزة، لم نكن نرى اليهود”.

ويقول: “عاصرت كل الحروب، لم أجد حرباً مثل هذه، إبادة”، مضيفاً: “لم نر نازحين في النكبة مثل اليوم، اليوم خيام كثيرة لم نر مثلها”.

حتى أولئك الذين لم يكونوا قد ولدوا بعد إبان النكبة، عرفوا عن محنة التهجير من خلال روايات كبار السنّ، وباتوا يختبرون في الفترة الراهنة، تجربة مماثلة لما عانته عائلاتهم.

من هؤلاء؟

تقول أم شريف كحيل (48 عاماً) التي نزحت من مدينة غزة بشمال القطاع: “أصعب شيء رأيته في حياتي.. عدنا لحياة أجدادنا، حتى أيامهم كان فيها أمان”.

وخلال مكوثها في خيمة بمدينة رفح، تقول كحيل: “نطبخ ونحن خائفون، نخرج للتسوق تحت القصف، نفعل كل شيء بخوف.. كل يوم نقول: اليوم سنموت”.

تؤكد كحيل أنها فقدت أي أمل بالعودة إلى منزلها، على غرار علاء بخيت (51 عاماً) الذي يشاركها المشاعر ذاتها، ويقول: “بعد 100 يوم (على الحرب) نعيش بلا روح، ننتظر الشهادة، نشعر بالخوف والقهر والذل في كل لحظة”.

ويضيف الرجل الذي نزح إلى رفح من مخيم النصيرات وسط غزة: “الخيمة بلا سقف، لم يتبق شيء في البلد، لا مدارس لا جامعات ولا مستشفيات.. المشكلة ليست في الحرب وإنما في ما بعدها”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى