الساعات القليلة الماضية كانت شاهدة على تقريرين أميركيين لافتين يرتبطان بوضع الحرب في غزة والنفوذ الإيراني في المنطقة.
إن تم التدقيق بمضمون التقريرين، فإنّه يمكن اعتبار الأول نتيجة للثاني، أي أن إنسحاب البارجة الأميركية قد يكون بمثابة إعتراف بجدوى نفوذ إيران الموسّع.
للتذكير، فإنّ “يو أس أس جيرالد فورد” جاءت إلى المنطقة إبان حرب غزة التي اندلعت يوم 7 تشرين الأول الماضي عقب اندلاع معركة “طوفان الأقصى”، وقالت واشنطن حينها إنها أرسلت البارجة الضخمة لردع إيران و “حزب الله” في لبنان في ظل حرب غزة.
ما بينته الواقع إنّه وفي ظل وجود تلك البارجة، تعززت إعتداءات كثيرة ضد إسرائيل وسفن تجارية، كما أن ساحات عديدة باتت ناشطة ضد تل أبيب.
وعليه، فإنّ ما حُكي عن أن تلك البارجة ستزيد من الردع، كان “خطاباً رناناً” لا أكثر ولا أقل.
مصادر معينة بالشؤون العسكريّة قالت لـ”لبنان24″ إنَّ مغادرة البارجة الأميركية الضخمة مياه المتوسط يعني أنّ أميركا “سحبت عنصراً أساسياً للتوتر” في المنطقة، وما يجري يمكن أن يكون بمثابة تمهيدٍ لأمر أساسي وهو إنتفاء إمكانية حدوث حرب موسعة.
بحسب المصادر، فإنَّ أميركا وحينما أرسلت “جيرالد فورد”، كانت ماضية قدماً في دعم إسرائيل في حرب ضد غزة، لكن المعطيات الآن تبدلت. حالياً، فإن واشنطن باتت ترغب في “تطويق الحرب” بعدما وجدت أنه لا طائل منها، وأنّ الهدف الحالي الآن هو تقويض التوتر قدر الإمكان، والبداية كانت من سحب البارجة الحربية الضخمة.
تشير المصادر إلى أنَّ الخطوة الأميركية تُعد رسالة واضحة لطهران بأنه “لا مواجهة مباشرة معها”، كما أنها تحملُ عنواناً عريضاً مفاده إن واشنطن لا ترغب في تصعيد أكبر في المنطقة، وبالتالي يمكن أن يكون الإنسحاب إقرارا بخطورة التحركات المجموعات الموالية لإيران التي تسعى لإشغال إسرائيل بـ”المفرّق”.
رسالة إلى “حزب الله”؟
الخطوة الأميركية المرتبطة بالبارجة الضخمة قد تكون أيضاً رسالة واضحة باتجاه “حزب الله”.. فماذا في تحليل حيثياتها؟
– أولاً: يُعتبر ذلك بمثابة إشارة إيجابية عنوانها سحبُ فتيل مواجهة مباشرة بين الحزب وأميركا على أرض لبنان.
– ثانياً: ما جرى يمكن أن يكون بمثابة تمهيدٍ لحلول ديبلوماسية تقود باتجاه حوارٍ جدي حول مصير الوضع الحدودي بين لبنان وإسرائيل، خصوصاً أن هناك مساعٍ أميركية في هذا الإطار.
– ثالثاً: “تبريد” أميركا الأمور مع طهران ولو شكلياً يعني تراجع تأييدها شنّ إسرائيل حرب شاملة وتحديداً ضد لبنان.
في الظاهر، فإنّ تل أبيب باتت تُهدّد كثيراً بتلك الخطوة باعتبار أنَّ وجود “حزب الله” عند الحدود بين لبنان وإسرائيل يعني أذية مباشرة للأخيرة. إلا أنه في المقابل، فإن واشنطن وحينما تنسحب من المنطقة، فإنها تقول لتل أبيب أن دعمها المباشر تراجع، وبالتالي فإن القوة التي قد تستندُ عليها إسرائيل في أي معركة قادمة باتت تتضاءل، ما يعني أنّ الوضع الذي كانت عليه قبل 7 تشرين الأول بات يعود تدريجياً، والدليل على ذلك ببساطة هو التالي: عدم انكسار النفوذ الإيراني – إستمرار بقاء حزب الله – عدم إنهزام حركة حماس، وعدم إقامة مناطق عازلة أرادتها إسرائيل عند الحدود مع لبنان وفي محيط غزة.