مقالات

بولتون : حماس إنتصرت على إسرائيل

إيمان شمص - أساس ميديا

وصف مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون “صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس” بأنّها “سابقة سلبية نهائية لإسرائيل وانتصار مهمّ لحركة حماس التي ستستغلّ فترة الهدوء لإعادة ترتيب صفوفها وتعزيز وضعها”. وأعرب عن قلقه من “تضاؤل قدرة إسرائيل على القضاء على حماس ومن ضعف الدعم الأميركي لها”.

بولتون الذي كان مستشار الأمن القومي للرئيس دونالد ترامب، ونائب وزير الخارجية لشؤون الأمن الدولي في عهد الرئيس جورج بوش الابن، كان من دعاة شنّ حرب العراق ودعم باستمرار العمل العسكري وتغيير النظام في سوريا وليبيا وإيران من خلال فرض العقوبات الاقتصادية والتدخّلات العسكرية.
في صحيفة “تلغراف” البريطانية كتب بولتون محذّراً “من الإرهابيين الذين يحملون الهدايا”، على اعتبار أنّ “الأهداف الرحيمة والحرب التي لا هوادة فيها تشكّل مزيجاً معقّداً. وعلى الرغم من أنّ إطلاق سراح ضحايا 7 أكتوبر (تشرين الأول) أمر جدير بالثناء، إلا أنّ هناك طرقاً صحيحة، وأخرى خاطئة، للقيام بذلك، وهناك تكاليف مثلما هناك فوائد. وهنا حقّقت حماس انتصاراً مهمّاً. ويظلّ من غير الواضح ما إذا كانت الصفقة تشكّل سابقة سلبية نهائية بالنسبة لإسرائيل. لكنّ الأكيد أنّها تلقي بظلال من الشكّ على إمكانية تحقيق هدفها المشروع المتمثّل في القضاء على التهديد الإرهابي الذي تشكّله حماس”.

حماس ستستعدّ خلال الهدنة
بولتون رأى أنّ عمليات الإفراج التي تتمّ على مدى أربعة أيام أدّت إلى “توقّف” العمليات العسكرية الإسرائيلية. وإسرائيل ستستفيد من هذا التوقّف للإعداد للمرحلة التالية من الأعمال العدائية، عن طريق تناوب القوات وإعادة إمدادها وما شابه، “لكنّ “إرهابيّي” حماس هم المستفيدون الحقيقيون من وقف الأعمال العدائية بعدما تمّ قصفهم ومطاردتهم داخل غزة وتحتها في شبكات أنفاقهم غير العادية، لأنّ الحملة العسكرية الإسرائيلية ما زالت في مراحلها الأولى”.

ماذا الآن؟ يسأل الدبلوماسي المستعجل على القتل والحرب، ويجيب: “ستستغلّ حماس فترة التوقّف لإخراج إرهابيّيها من موقف صعب، وتهريب ما لديها من موارد وأفراد إلى مصر وإسرائيل عبر أنفاق غير مكتشفة، وإعداد جنوب غزة للهجوم الإسرائيلي التالي”.
ثمّ يطرح أسئلة تكتيكية عسكرية: “ما هي فرص التقدّم الأسرع أو المزيد من الهجمات المفاجئة التي ستخسرها إسرائيل بسبب هذا التوقّف؟ كم من الجنود الإسرائيليين سيموتون لأنّه أُتيح لحماس الفرصة لنصب فخاخ إضافية وتعزيز وضعها العسكري؟ وإذا اختارت حماس إطلاق سراح المزيد من الرهائن، فسيتمّ تمديد التهدئة يوماً واحداً لكلّ عشرة رهائن. وهنا كيف يمكننا تبرير السماح للعدوّ بتحديد مدّة التوقّف من جانب واحد؟ وماذا لو أدّت “صعوبات فنّية” إلى إطلاق سراح ستّة رهائن فقط، فهل تحصل حماس على يوم راحة آخر، فتتحمّل إسرائيل بشكل غير عادل عبء استئناف الأعمال العدائية، وهو ما سيعزّز جهود حماس الدعائية لمحو همجيّتها في 7 أكتوبر؟”.

الحرمان من المعلومات
يعترض بولتون على أنّه “لسبب غير مفهوم، قامت كلّ من القدس وواشنطن بتعليق المراقبة الجوّية لغزة لمدّة ستّ ساعات يومياً خلال فترة التوقّف”، ويعتبر أنّه “التنازل الأكثر أهمية من التهدئة نفسها، لأنّه يحرم إسرائيل من المعلومات حول أنشطة حماس. وقد وافقت إسرائيل على أن تكون “غافلة عن غزة” خلال هذه الفترات الزمنية الملائمة للإرهاب”.
في حين “يتباهى البيت الأبيض” بأنّ الصفقة تعني “تدفّقاً هائلاً للمساعدات الإنسانية” إلى غزة، يحذّر الكاتب من “غياب الضمانات الكافية بأنّ المساعدات ستذهب إلى المحتاجين. فعندما أطلق هربرت هوفر أول عملية إغاثة دولية كبرى للولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الأولى، أصرّ على شرطين: أن تذهب المساعدات فقط إلى غير المقاتلين، وأن تعمل الجهات المانحة على توزيعها أو التحكّم في عملية توزيعها. اليوم، ليست لدينا أيّ فكرة عن حجم الكمّيات التي ستقع في أيدي حماس، وهو ما سيزيد من حدّة الإرهاب”.

يخلص بولتون إلى أنّ “الخطر السياسي الحاسم الذي تواجهه إسرائيل يتمثّل في تقويض تصميمها على القضاء على حماس، لأنّ تراجع قوة الدعم الأميركي أكثر إثارة للقلق. فقد بدأ يتضاءل دعم بايدن الخطابي الذي كان قوياً في البداية، وها هي عزيمته تتقلّص يومياً تحت ضغوط الجناح اليساري المؤيّد للفلسطينيين في الحزب الديمقراطي. وستزداد مشاكله حدّة مع تطوّر الحملة الرئاسية لعام 2024”.
يختم بالتالي: “لقد اتّضحت فوائد تحرير الرهائن الآن. لكنّ التكاليف الأكبر بكثير آتية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى