مقالات

متى يتوقّف العدوان الأميركي- “الإسرائيلي” على غزة؟

مريم نسر - الديار

تتلاعب الولايات المتحدة الأميركية بالرأي العام العالمي، بعدما انقلب عليها بسبب عدوانها الذي يُنفِّذه العدو الإسرائيلي على قطاع غزة، بضرب مواعيد وهمية لإنهائه أو بالإيحاء بأنها تعترض على “القصف العشوائي” الصهيوني، كما سمّاه الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يُجزِّر بالمدنيين والأطفال في القطاع، كجزء من إدارة الوعي العالمي، بعد أن وجدت نفسها محاصَرة إعلامياً وسياسياً تسمع الأصوات التي تطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار.

صحيح أن أميركا تَعتبر نفسها فوق القانون الدولي، وتضرب عرض الحائط كل المواثيق الدولية بكل حروبها، إلا أنها في الوقت نفسه تحاول تقديم رواية للرأي العام، من أجل إضفاء شرعية على سياساتها ومخططاتها وحروبها، تماماً كما فعل العدو الإسرائيلي ببداية العدوان على غزة، والذي بنى شرعيته من خلال روايته المزيَّفة، والتي تكشَّفت فيما بعد فأفقدته عنصر الدعم العالمي، الذي تحوَّل من مسانِد له الى عامل ضغط كبير عليه. وبما أن الأميركي هو مَن يدير الحرب، شَعَرَ بضيق هامش الحركة لديه، فبدأ استراتيجية التلاعب بالمواقف العلنية، ضمن رؤية واضحة لامتصاص موجة الاعتراض العالمية، التي أصبحت تتصاعد كلما زادت أيام العدوان، لكن مع استمرار مخططه الذي يسير به وفقاً للرؤية التي وضعها من بداية الحرب.
اختلاف الرؤية بين الاميركي وبين “الإسرائيلي” هو جوهر الخلاف الذي خرج الى العلن بينهما، فالرؤية الأميركية تتضمن الحفاظ على “إسرائيل”، وإيجاد حل طويل الأمد بأقل كلفة بشرية “إسرائيلية” ممكنة، أما “الإسرائيلي” الذي يَفتقد في هذه الحرب الرؤية الواضحة والاستراتيجية، فيريد الانتقام بأعلى كلفة للفلسطينيين ولو بكلّفة “إسرائيلية” بشرية عالية.

لقد بات واضحاً أن أميركا لديها تصوّر لمستقبل “إسرائيل” ، فهيَ مَن تقود وتدير وتحدد الأهداف، وتضع خططاً وبرامج عمل لإبقائها ، بعد أن وجدت أن قيادتها لا تستطيع القيام بهذه المهمة فتولّتها عنها وسمحت لها بعرض مطالبها، وهي أكّدت عليها، لكن واشنطن تريد تنفيذها بطريقتها وليس بطريقة “تل أبيب”، فالنقاش يدور حول برامج العمل ضد الفلسطينيين وشكل استمرار الحرب.

من هنا، يمكن إيضاح الصورة أكثر، ويمكن الإجابة عن سؤال له علاقة بمدّة الحرب، التي تم وضع علامات استفهام وتعجُّب كثيرة عليها، باعتبار أن “إسرائيل” لا تخوض حرباً طويلة، فما الذي تغيّر اليوم؟ ومتى تتوقف إذاً؟ يَصُح هذا السؤال لو كانت “إسرائيل” هي مَن تخوض الحرب، لكن في الواقع أميركا هي مَن تخوضها، وتؤمِّن لها كل الإمكانات للاستمرار.

واقعياً، الرد على سؤال موعد وقف العدوان له جوابان: الأول علمي والثاني إعلامي.

– علمياً: حتى “إسرائيل” ومِن خلفها أميركا لا تَعلمان ما الذي ممكن أن تفعلاه لإيقاف الحرب، فهُما فعلياً لديهما أزمة خيارات وتَعتبران أن مِن خلال إطالة أمد الحرب ممكن فتح خيارات جديدة، يكون احدها المخَرج المناسِب الذي تبحثان عنه.

– إعلامياً: حدّد الأميركي و “الإسرائيلي” أهداف الحرب، والعجز واضح عن تحقيقها.
إذاً، في البداية كانت أميركا تظن أن لديها قدرة على التحكُّم بمسار ونهاية الحرب، بعدها وقعت بمأزق وأزمة فقدان التحكّم والسيطرة والفشل في تحقيق الأهداف، فكان ذلك سبباً بإطالة أمد الحرب، وباتت تراهن على حصول شيء ما مِن خارج السياق يغيِّر المسار الحالي، لكن في الواقع القدرة يمتلكها مَن هم في الميدان، حيث يبقى هناك المسار الأول والأخير والثابت، المرتبط حتماً بثبات المقاومة وضرباتها واستهدافاتها النوعية، ومدى قدرتها على منع العدو من تحقيق أهدافه بشكل قطعي، عندئذ فقط ممكن أن نرى الحرب تقترب من نهايتها…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى