مقالات

هكذا تفاخرت إسرائيل باغتيالاتها الناجحة في سوريا ونسيت حماس و حزب الله

اسرائيل اليوم - أيال زيسر

امتنعت إسرائيل على طول العقد الأخير عن مقاتلة أعدائها، واختارت أن تخوض معهم معركة ما بين الحروب. الإنجازات والنجاحات في هذه المعركة منحتنا إحساساً تبين لاحقاً أنه مغلوط، وبأن يدنا هي العليا – عملياتياً واستخبارياً – وأن المعركة ما بين الحروب تحفظ وتعزز أمننا بل وتردع أعداءنا.

لقد كانت المعركة ما بين الحروب جملة من الأعمال أغلبها سريّ، وتضمنت أساساً إحباطات مركزة وغارات جوية موضعية على أهداف العدو، خصوصاً في الساحة السورية، وعلى أراضي إيران. وجاءت فكرة هذه المعركة في الأصل بتأخير التعاظم العسكري لـ ”حزب الله” وحماس، وعملية تحول إيران إلى قوة نووية عظمى. الحرب الأهلية في سوريا فتحت أمام إسرائيل نافذة فرص للهجوم في سوريا دون خوف من رد فعل النظام السوري. وكانت الأهداف التي تعرضت للهجوم في الغالب إرساليات سلاح نقلت من إيران إلى منظمة “حزب الله” في لبنان. ما إن رأت إسرائيل الحال جيدًا وأن أحداً لا يقف في طريقها، اتسعت الهجمات إلى أهداف إيرانية أيضاً أو إلى أهداف خدمت الميليشيات الشيعية التي أطلقتها طهران إلى سوريا. واستهدفت هذه الهجمات التخريب على محاولات إيران التشبث بالأراضي السورية.
إن المنطق الذي قبع في أساس فكرة المعركة ما بين الحروب كان واضحاً: فإسرائيل لم تكن معنية بالانجرار إلى حرب شاملة، ولهذا فضلت البقاء في الظل وامتنعت عن تحمل المسؤولية عن الهجمات التي نفذتها، على افتراض أنها بذلك تسهل على العدو الامتناع عن الرد على هذه الهجمات. والأهم هو أن الحديث يدور عن سلسلة أعمال موضعية ومحدودة على مدى أشهر بل وسنين، وليست معركة منهاجية ذات قوى عالية.
لكننا من كثرة الأشجار لم نرَ الغابة، وبدلاً من التفكير بتعابير الحرب التي يجب خوضها ضد العدو، اعتبرنا الكفاح ضد العدو سلسلة عمليات موضعية لقوات خاصة، وكأن عمليات كهذه هي كل شيء. لهذا التفكير مكان عندما يدور الحديث عن وحدة مختارة ترسل إلى عملية سرية محدودة. لكن عندما ينتقل جيش كامل والدولة بأكملها للتفكير بمثل هذه التعابير، بتعابير المعركة ما بين الحروب، يتخلق تخوف من نسيان الصورة العامة، فنسوا أن عليهم خوض حرب ضد العدو، بل وكيف تخاص مثل هذه الحرب.
لا شك أننا وقعنا في عشق المعركة ما بين الحروب، ضللتنا النجاحات المبهرة والباعثة على الفخار لتلك العمليات والتصفيات والغارات التي نسبت لإسرائيل على مدى السنين، لكننا نسينا الأمر الأساس.
المعركة ما بين الحروب لم تمنع تعاظم قوة حماس و”حزب الله”. بينما كنا نتسلى بهجمات ناجحة على الأراضي السورية حيال نظام بالكاد يقف على قدميه، تحولت هاتان المنظمتان الإرهابيتان إلى وحشين يملكان عشرات آلاف الصواريخ وقوة مقاتلة مدربة: “نخبة حماس”، وقوة الرضوان التابعة لـ“حزب الله”.
قصة المعركة ما بين الحروب هي استغلال النجاح والفرصة التي وقعت لنا في الساحة السورية مع نشوب الحرب الأهلية في هذه الدولة. يخيل أننا فضلنا البحث عن العملية النقدية تحت الفانوس السوري، واخترنا التجاهل وألا نعمل حيال ما جرى في داخل غزة ولبنان. لا غرو أن المعركة ما بين الحروب في سوريا أصبحت العرض الأفضل في المدينة. أعمالنا لم تعد سرية، إذ إن زعماء وقادة في إسرائيل أعلنوا عنها وتباهوا بها في كل فرصة، بل وبدا أن تحقيق نجاحات في سوريا على الأقل؛ بكبح المحاولة الإيرانية للتموضع في سوريا، وإن كانت لم تمنع تعاظم قوة “حزب الله”.
وهكذا، مع الوهم بأن المعركة ما بين الحروب على الأراضي السورية هي الحل الأمثل لمشاكل إسرائيل، تعاظمت التهديدات التي وقفنا أمامها. حماس و”حزب الله”، اللذان يزعم أنهما مردوعان، عظما قوتهما.
المعركة ما بين الحروب تبدو مثالاً على المبادرة والتفكير الإبداعي، والقدرة على استغلال الفرص وإبداء القدرات العملياتية والاستخبارية. لكن عندما تصبح المعركة ما بين الحروب هي الأساس، والمنطق الذي في أساسها يصبح هو موجه سلوكنا الاستراتيجي تجاه العدو، فالنتيجة صدمة ومفاجأة ألمتا بنا في 7 أكتوبر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى