مقالات

حزب الله يستدرج اسرائيل: تُريدها حربا فلتكن

علاء الخوري

لم يعد الخط الازرق واقعا ميدانيا بالنسبة لمقاتلي حزب الله على الجبهة الجنوبية بعد ان خرقه هؤلاء لأكثر من مرة غداة انطلاق طوفان الاقصى في السابع من تشرين الاول، ودفعت حماسة بعض المقاتلين الشبان في الحزب الى تخطي الشريط والتوغل اكثر في الداخل الاسرائيلي قبل أن ترصدهم طائرات التجسس وتوجه صواريخها نحوهم.

 

الثقة المُفرطة بالنفس لدى عناصر الحزب سرعان ما تمت اعادة برمجتها لتتلاءم أكثر مع طبيعة المواجهة على الجبهة الجنوبية، وقد شكا بعض المسؤولين الميدانيين في بداية المعركة من عدم انضباط المقاتلين فجاءت التعليمات من قبل القيادة الحربية المركزية بضرورة الالتزام بالقرارات التي يصدرها المسؤول على الجبهة. نجح الحزب على الارض فأرغم الاسرائيلي على الابتعاد كيلومترات والتحصن داخل مواقعه واستبدال الدوريات الراجلة على طول الحدود بالمسيرات المتطورة القادرة على المراقبة وقصف الهدف في الوقت نفسه. واعتماد اسرائيل على التكنولوجيا لا يعني أنها قادرة على حسم المعركة بحسب خبراء عسكريين، فللميدان الكلمة الفصل خصوصا وأن المواقع التي يتواجد فيها الحزب لم تتمكن الغارات الاسرائيلية من افراغها بل على العكس لا زالت محصنة وتنتظر أي توغل بري لمواجهته، وهو ما تعرفه اسرائيل وتتردد بتنفيذه.

وبرأي الخبراء العسكريين فإن الحدود الشمالية الاسرائيلية تختلف عن حدودها الجنوبية فالاولى تواجه تضاريس وهي مفتوحة مع لبنان على عكس حدودها الجنوبية المعروفة والتي تعتمد على الانفاق ومحصورة بعدد من الكيلومترات. من هنا تخشى حكومة نتنياهو الدخول في حرب كلاسيكية مع الحزب على غرار حربها عام 2006 والتي شهدت على مجزرة الميركافا في وادي الحجير، وتسعى اليوم الى تطويع التكنولوجيا في الميدان والاستفادة من الانقسام الداخلي في لبنان لاحداث خرق على الجبهة الجنوبية وهو الامر الذي يبدو الى الآن صعبا بالنسبة لاسرائيل خصوصا وأنها تواجه حربا ضروسا في غزة.

تنطلق مصادر حزب الله من الخطاب الاسرائيلي لتؤكد صحة نظريتها، فتذكر بمواقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه وقائد الاركان الذين يصوبون أكثر على تدمير لبنان واعادته الى العصر الحجري، في اشارة واضحة بحسب المصادر الى ما حصل في غزة من تدمير ممنهج للبنية التحية واسقاطه في لبنان عبر الغارات الجوية لبنك أهداف واسع، وتكبيد اللبنانيين خسائر بمليارات الدولارات واستفزازهم ليخرجوا ضد حزب الله عبر مواجهات عسكرية داخلية، وهذا ما اعتمدته اسرائيل في حربها في الثمانينات. هذه النظرية لا تعطيها مصادر الحزب الكثير من الاهتمام، بل ترد عليها بنظرية أُخرى تعكس من خلالها الآية، عبر دفع الحزب بعناصره نحو الحدود الشمالية والسيطرة على مناطق في الجليل التي تعد اليوم شبه خالية من السكان، في خطوة يريد من خلالها حزب الله ارباك جبهة اسرائيل أكثر ودفعها الى اعادة حساباتها لأنها لا تملك القدرة على السيطرة الميدانية. ولا تُخفي المصادر قدرة الحزب على هذه الخطوة بل تؤكد انه وضع الكثير من الخطط لمحاكاة أي هجوم اسرائيلي على لبنان، جازمة بأن ميزان القوى لن يكون لصالح تل أبيب المدركة وفق تقارير استخباراتها أن تفكيك بنية الحزب لن تكون سهلة وتتطلب ظروفا أفضل بالنسبة لتل أبيب المشغولة اليوم في محاور عدة ولن تتمكن من الاستمرار في حربها على القطاع بعد ان وصلت الانذارات عبر البحر الاحمر والجنوب اللبناني.

 

وخلافا للداخل الاسرائيلي، يبدو الحزب متصالحا مع بيئته وقادر على أخذ أي قرار يريده من دون الرجوع الى اي حسابات تخص تلك البيئة، كما أنه قادر على الذهاب بعيدا في أي حرب مقبلة ولو كان بعض الاطراف في الداخل يرفضونها، فالكلمة الفصل تعود الى قيادته لا الى الحكومة اللبنانية، كذلك يمتلك من الصبر ما يفيض بعكس الجانب الاسرائيلي المُتسرع في اتخاذ قراراته ودفع بالاميركيين الى انتقاد الكثير منها لاسيما القرارات المرتبطة بالجبهة الجنوبية مع لبنان.
في الجنوب، ثمة اكثر من سبعين ألف شخص هجروا منازلهم مع توسع الغارات الاسرائيلية على قرى القطاع الغربي الاوسط والشرقي، ولكن في المقابل ثمة قرى اسرائيلية باتت مهجورة ومصانع مهمة أقفلت أبوابها وتتكبد خسائر بالملايين وتشكو تقصير الحكومة في حسم المعركة مع الحزب عبر الطرق الدبلوماسية وتجنب التصعيد الميداني.. فأي خيار سيذهب به نتنياهو الذي يواجه اليوم انتقادات كبيرة على مستوى العالم؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى