مقالات

هل بدأ العد العكسي للحرب الاقليمية؟

بوتيرة تصعيدية ينحى الوضع على الجبهة الاقليمية نحو الانفجار بعد ان انخرط اكثر من طرف في الحرب الاسرائيلية على غزة وبات واضحا ان ايران التي تتلقى ضربات قاسية من واشنطن بدأت التفكير بمعادلات جديدة في الحرب تكون في صلبها معتمدة سياسة الاصيل لا الوكيل. ورغم تكرار الدبلوماسية الغربية حديثها عن ان طهران لا زالت متمسكة بمعادلة الاجنحة، الا أن التصعيد الاميركي قد يجبرها على لعب دور عسكري مباشر لمنع تمدد النيران نحوها وهو ما تدفع به الولايات المتحدة عبر تغيير استراتيجية الرد على الفصائل الموالية لطهران في المنطقة وابرزها الحشد الشعبي وحزب الله في العراق والحوثيين في اليمن، فيما تتولى اسرائيل مهمة حزب الله في لبنان من خلال الضربات التي تستهدف بنية الحزب في العمق تزامنا مع تنفيذ عمليات اغتيال لقادته.

يعتبر محللون عسكريون أن بروفا الحرب الاقليمية الشاملة لم تنفذ بعد ولكن بوادرها بدأت تلوح في الافق، مشيرين في السياق الى الدور الروسي الصيني في المنطقة والذي يعمل على تضييق حركة واشنطن وحلفائها الاوروبيين ويسعى الى تثبيت قواعده العسكرية في شرق المتوسط والخليج من بوابة الصراع العربي الاسرائيلي والصراع العربي الفارسي. ويرتبط سيناريو الحرب الشاملة أيضا على الانتكاسات التي تعرضت لها الدبلوماسية في حل الصراع على النفوذ في المنطقة والضغوط التي تمارس من قبل الخصمين اللدودين من أجل السيطرة على المضائق المائية والخطوط الاقتصادية البرية التي تمر في أكثر من بلد. وجاءت احداث السابع من تشرين الاول لتزيد الشرخ وتعمق الخلاف بين الدول الاقطاب، واعتبرت الولايات المتحدة الاميركية أنها معنية بما حصل داخل اسرائيل، وان ما جرى في ذلك اليوم هو رسالة ايرانية واضحة لها وتحدّ فاقع لمصالحها في الشرق الاوسط رفعته الصين وروسيا بوجهها، فلم تتأخر في تحريك بوارجها وأعطت تل أبيب الضوء الاخضر لممارسة عمليات تطهير داخل قطاع غزة وفي الضفة الغربية، فيما قيدت عمل اسرائيل على الجبهة الشمالية نظرا لدقة الوضع مع حزب الله المعني مباشرة بأمن تلك الحدود. ومع تطور مسار الاحداث في غزة وتمدد الخطر الايراني على المصالح الاميركية في البحر الاحمر وتحريك الفصائل الموالية لطهران في لبنان وسورية والعراق، وجدت واشنطن نفسها أمام حل من اثنين: اما تقييد حركة ايران عبر الوسطاء أو الذهاب نحو الخيار العسكري بعد استنفاذ كل الطرق الدبلوماسية، وأعطت لنفسها مهلة زمنية محددة قبل اعلان النفير.

ومع تراجع حظوظ الدبلوماسية وتمسك ايران بشروطها لاسيما بما يتصل بملفها النووي واتخاذ غزة ساحة للدفاع عن هذا الملف، باتت واشنطن أقرب الى الخيار الثاني مع ارتفاع منسوب القلق لديها من اي عملية عسكرية مباغتة قد تشن على قواعدها في الشرق الاوسط تكون كلفتها عالية. وهنا تتقاطع المعلومات في الداخل الاميركي عن امكانية تنفيذ ضربات استباقية على طهران من قبل تل أبيب وبغطاء اميركي، وفي حال تدحرجت الاوضاع الامنية اكثر وصوبت طهران عبر اجنحتها السلاح نحو المصالح الاميركية عندها تدخل الولايات المتحدة في الحرب على ايران كما فعلت قبل حوالى العشرين سنة مع نظام صدام حسين في العراق. هذا السيناريو قد يكون الاوفر حظا في العام 2024 خصوصا وان الجميع بات يُدرك ان الصراع لن يُحل بالطرق الدبلوماسية ولا بد من عسكرته للدخول نحو ترسيم جديد للخرائط السياسية في الشرق الاوسط والخليج العربي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى